المساحات الضائعة المستغلة!
- 7th Dimension
- Jan 17, 2024
- 3 min read
منذ اللقاء الأول مع #المعمار في تحديد الطلبات التصميمية وتحديد الإحتياجات الفراغية، كثيرا ما يتم طرح مفهوم "تقليل الهدر في المساحات" أو "استغلال المساحات" بشكل "فعال و عملي".
وهنا ندخل في إشكال في تحديد معنى هذين المصطلحين أثناء مراحل التصميم. فأحيانا مفهوم "تقليل الهدر في المساحات" عندما يتم تطبيقه على التصميم والتخطيط للفراغات، وبسبب بعض الطلبات الخاصة، يتم هدر المساحات بالكثير من "الحركة" و إن كانت أحيانا صحيحة في إرتباطاتها، إلا أن "الفراغ نفسه" سوف يفتقر "للكفاءة في الاستخدام". الهدر أحيانا يكون في عدم"جودة الفراغات" ، أو "تعارض محاور الحركة" فيها، أو تقديم فراغات غير منتظمة من حيث "الوظيفة و الإستخدام".
ولا يعني أبدا "استغلال المساحات" أن نملأ مساحة البناء المسموحة بالكثير و الممكن من الخرسانة والحديد، الاستغلال هنا، هدر في نواحي أخرى، مادية أو وظيفية أو غير عملية.
حساسية هذين المفهومين تكون شديدة في الأراضي الصغيرة أو المتجاورة أو المحدودة، وحتى في المساحات الكبيرة يكون للأمر أهمية في زيادة فاعلية الفراغات المصممة وأنها تعطي قيم إضافة بالإضافة إلى الوظيفة الرئيسية. مثلا إستغلال المنطقة أسفل الدرج لعمل جلسة صغيرة أو تزويد هذه المنطقة بأرفف لتكون منطقة تخزين إضافية قريبة الصالة ومستغلة، عن طريق عمل فراغ خدمي "غير محسوب" له من الأساس. أو أن يكون هنالك جزء من المدخل لعمل مشجب للعبايات أو الأحذية.
في عمارتنا التقليدية، نجد أنهم استغلوا هذه الفكرة بطريقة فنية وجمالية وعملية، من دون أن يتكلفوا في عمل هذه الحلول، فوجود "الروازن" - مفردها (روزنة) وهي نتوء غائر في الجدار، يستخدم كأرفف أو دواليب جدارية- فهنا تم توظيف الجدار بأكثر من وظيفة عملية، بإستغلال أمثل.
في هذا المقال سوف نستعرض بعض الأفكار والحلول الخاصة بهذين المفهومين، تساهم في الإستفادة بشكل حقيقي وإضافي من الفراغات "بالإستغلال" و "من دون الهدر"
الممرات
الممرات أو محاور الحركة أحد أهم العناصر التي لابد أخذها في الإعتبار ودراستها بعناية. لأنها تواجدها بالمقاسات المعقولة ومواضع ارتباطها بالفراغات، تحقق سهولة الوصول والإستخدام، وتقليل المسافات والمهدور من المساحات لها، وكذلك تعطي مساحات للفراغات نفسها التي تخدمها.
أحد الحلول الرئيسية التي ممكن تطبيقها، توحيد محاور الحركة البينية بين الفراغات، أو المحاور بين الوظائف في نفس الفراغ. وهذا ما يقودنا إلى النقطة التالية؛

التنظيم
التنظيم أمر أساسي في عملية التخطيط والتصميم، و هي التي تعطي جودة للتصميم. التنظيم ممكن أن يكون على أسس متنوعة؛ على أساس الخصوصية، العلاقة الوظيفية، المداخل والمخارج، الحركة العامودية بين الأدوار، الاتصال بين الداخل والخارج...
وكلما كان التنظيم مدروس بعناية، معناه تحقيق الوظيفة بالمقاس والمقدار المناسب، بأقل جهد وتكلفة وبأعلى جودة وكفاءة وأريحية.
الخلط بين العناصر لأسباب غير منطقية أو احتماليات متباعدة، يؤدي إلى فرضيات يتفاعل ويتأثر معها التصميم، وبدورها تحكم في خيارات التصميم والحلول التي تتوافق معها.

التخفف
الأولويات التي نختارها وبها نحدد طلباتنا الوظيفية، هي ما يتم تصميمه وتخطيطه، بل وكل الحلول تدور حول كيفية تحقيق هذه الأولويات بالشكل المناسب والمطلوب.
وعلاقة الأولويات بالتخفف، علاقة وثيقة من كونهما مرتبطين مع بعض، وعدم تقدير أحدهما للآخر، يقلل أو يزيد الحاجات والإحتياجات الغير ضرورية، مما لاحقا بعد فترة من الإستخدام، يتبين لنا عندم ملاءمة الفراغ أو التوزيع لحاجاتنا، فنعيد النظر للفراغات سواء بالإلغاء أو الدمج أو التعديل، فالتخفف هنا معناه، أن تكون أولوياتنا متوافرة من دون زيادة للحاجة أو إضافة غير مستغلة.
الأمثلة "للتخفف" كثيرة في بيوتنا، كأن نبني مطبخين كبيرين، مفتوح ومغلق، مع علمنا بتكلفة تأثيث وتجهيز المطبخ، ولا نستخدم إلا أحدهما والآخر مجرد ليكمل الامتداد البصري للصالة أو ركن الطعام من دون أن يكون له دور حقيقي كاستخدام ووظيفة. أو أن تكون دورة المياه كبيرة والخدمات التي توفرها أو مستخدميها محدودين!، أو أن نعمل مستودع لأغراض لن نستخدمها أبدا.

دمج الوظائف المتعددة في فراغ واحد
عوضا أن تكون الوظيفة المحددة المستخدمة من قبل مستخدمين محددين لها فراغ واحد مستقل، دمج الفراغات بالأنشطة المتناسبة مع بعضها البعض، يعطي فرصة "لإستغلال الفراغ" وظيفيا.
مثلا:أن تدمج الصالة العائلية مع صالة الطعام، أو أن تكون "غرفة الطعام" مستخدمة ما بين المجلس للضيوف، وما بين العائلة في الصالة، هنا نحقق نوع من أنواع الكفاءة في الإستخدام، وأيضا الكفاءة في التشغيل والصيانة. وهكذا نوع من التداخل الوظيفي يساهم أيضا في زيادة الإجتماعية بين أفراد العائلة.
كذلك في توفير عدد الفراغات، له ميزته، المقتصدة والموفرة للمساحات، فبدلا من توفير غرفتين نوم مثلا للأولاد أو البنات، أن يتم تصميم الغرفة لتستوعب خدمات طفلين/طفلتين في غرفة واحدة، هذا يوفر مساحات وخدمات مهدورة، مع كون الفراغ هذا يتم تشغيله واستخدامه بشكل فعال. يقول أحد التوائم الذي سبق أن صممنا لهم، بأنه كان في بيت أبيه لكل واحد منهما غرفة مستقلة، لكنهما يستخدمان غرفة واحدة والأخرى مهجورة!

Commentaires